الفيزياء بوجه عام يمكن تعريفها بأنها ذلك العلم الطبيعي الذي يعنى بدراسة
القوانين العامة للمادة والطاقة بكافة اشكالها ، وبدارسة جميع أنواع
التفاعلات في الكون .
وبهذا التعريف يمكن القول بأن علم الفيزياء يعالج في الغالب الحركة من حيث
هى تغير في مواضع الاجسام بمرور الزمن ، وكذلك بنية أو تركيب هذه الاجسام
التي تعتبر المواد الاساسية في الطبيعة ، كما أنه يعالج الظواهر الخاصة
بالضوء والصوت والكهربية والمغناطيسية والحرارة وغيرها من الظواهر المحيطة
بنا في هذا الكون ، بما فيها دراسة حركات النجوم والكواكب والمجرات وكذلك
نشأة هذا الكون وتطوره.
وأصل كلمة فيزياء مأخوذ من اللفظ اليوناني القديم فيزيس Physis ومعناها (
جوهر الحقيقة ) أو أصلها ، وقد أطلق عليها في البداية الفلسفة الطبيعية
Netural Philosophy ، ومن هذا يتضح أن الفيزياء بدأت بصورة فلسفية ، حيث
كان علماؤه هم الفلاسفة المشهورون في التاريخ اليوناني القديم مثل
أرسطوطاليس وفيتاغورس وأناكساجوراس وغيرهم الكثير .
يهدف علم الفيزياء الى اعطائنا فهما أفضل وأشمل عن الكون الذي نعيش فيه
بما في ذلك أصغر مكوناته ( الذرات ومابداخلها من جسيمات دقيقة ) وأكبرها (
المجرات والاجرام السماوية في الفضاء الكوني ) .
دخلت الفيزياء في مختلف المجالات فتحولت الحياة المادية للانسان بفضلها
الى حياة أفضل ، وذلك عن طريق استخدام التطبيقات الناتجة عنها في الكهرباء
والألكترونيات والبصريات والسمعيات والحراريات وغيرها.
الطريقة العلمية في الفيزياء :-
الطريقة العلمية هى أداة التطور الطبيعي في علم الفيزياء مثله في ذلك مثل
أي فرع من فروع العلم ، ويمكن تلخيصها هنا واضعين نصب أعيننا الاهمية
الكبرى لعلم الفيزياء كواحد من أهم فروع العلم :
1- جمع البيانات : ويتم برصد المعطيات الناتجة عن عمليات القياس لظاهرة
معينة ، ويقوم بإجراء تلك التجارب علماء الفيزياء التجريبيون ويقومون هم
أيضا بجمع البيانات والمعلومات الناتجة.
2- إيجاد قانون أو مبدأ طبيعي : ويتم ذلك بربط البيانات التي تم الحصول
عليها بعضها ببعض ، والتعبير عن ذلك بوضوح تام باستخدام معادلة رياضية أو
اكثر تدل على العلاقة الناتجة عن هذا الربط ، ولايتم اعتبار هذا القانون أو
المبدأ بمثابة شرح أو تفسير لتلك الظاهرة.
3- إيجاد نظرية : وهى المرحلة الاخيرة في تطور الفيزياء ، وتعنى النظرية بالشرح والتفسير الكامل للظاهرة تحت الرصد.
خواص النظريات الفيزيائية :-
من خواص النظريات الفيزيائية :
1- مقدرتها على معالجة ظواهر أخرى مرتبطة بالظاهرة الاصلية ، أو التنبؤ بظواهر جديدة لم تكن معروفة.
2- مهما كانت قوتها ، لاتمثل الحقيقة النهائية للموضوع الذي ندرسه ، ولكن
تعتبر نموذج ( أو برنامج عمل ) صالح ومفيد ولكنه مؤقت في نفس الوقت ، يكفي
لدراستنا الحالية عن الظاهرة ضمن ظروف محددة أو حدود معينة .
3- قد تخلف النظرية نظرية أخرى جديدة أكثر دقة منها وهذه بدورها لاتمثل
الحقيقة المؤكدة وهى تنتظر نظرية جديدة تحل محلها أو تزيد من مدى دقتها .
4- البساطة والترابط والقبول .
القوانين الفيزيائية وخصائصها المميزة :-
يقول البروفسور هنري باجلز في كتابه ( الشفرة الكونية ) :
(( يعتبر البحث عن القوانين الطبيعية مبارة بين الفيزيائيين والطبيعة
هدفها إيجاد القوانين الفيزيائية ( أو الطبيعية ) التي تحكم هذا الكون )).
ويتساءل البعض ماهية القوانين الفيزيائية ؟ يمكن تحديد الاجابة في ذكر
الملامح والخصائص التي تميز القوانين الفيزيائية ، والتي يمكن إنجاز بعضها
فيما يلي :
1- اللاتغير :-
تتميز القوانين الفيزيائية بعدم التغير مهما كانت الظروف و الاحوال ، مهما
كان الشخص الذي يرصد تلك القوانين ، فهى تتميز بصورة واحدة مهما أختلف
الراصد ومهما أختلف زمان الراصد ومكانه .
2- العمومية والبساطة :-
بمعنى أن القوانين الفيزيائية هى قوانين عامة يمكن تطبيقها على ظواهر
محدودة على سطح الارض ويمكن تطبيقها على كواكب أخرى كالمريخ مثلا ، أيضا
تحمل هذه الفكرة في طياتها عدم التغير .
وفكرة البساطة تعني وضع النظريات التي تفسر الظواهر الطبيعية في أبسط صورة
ممكنة ، قد يبدو للبعض أن الفيزياء معقدة لدرجة كبيرة ولكن السمة المميزة
لها هو أن كل تعقيداتها تنشأ بطريقة منطقية من مفاهيم أولية قليلة ،
ولكنها عميقة ، وربما يستلزم الامر وقتا طويلا لكي يتمكن الدارس من ادراك
بساطة المفهوم الجوهري لقوانين الفيزياء الاساسية ، بل أن ادراك الباحث
الفيزيائي لظهور هذه البساطة بعد بحث مضني يكون جزءا من إيمانه الراسخ
بهذا العلم.
3- الكمال :-
وصفة الكمال هنا لاتعني الكمال المطلق الذي هو صفة من صفات الله سبحانه
وتعالى ، ولكنها تعني محاولة الوصول الى الكمال ، بمعنى أن أي نظرية كبيرة
لايمكن أن تكون صورة جزئية للطبيعة ، ولكن يجب أن تعطي هذة النظرية
القوانين الكاملة لمجموع الاحداث ، والوصول الى هذه الصفة بعتبر من الامال
الكبيرة التي يتمناها الباحثون في علم الفيزياء ، والوصول الى هذا قد يكون
أحيانا ضربا من الخيال أو ربما نوعا من المحال .
ويعمل الفيزيائيون حاليا على الوصول الى توحيد المجالات الموجودة في
الطبيعة في قانون واحد أو نظرية موحدة يستطيعون منها استنتاج سائر المجالات
المعروفة في الكون ، ويعتبرون ذلك هدفا أساسيا لهم ، رغم علمهم أن هذا
الهدف ربما يكون بعيد المنال ، حيث يتطلب ذلك وجود ظروف معينة كتلك التي
كانت موجودة في بدء خلق الكون ، حيث إنه طبقا لنظرية الانفجار العظيم فإن
سائر المجالات كانت موجودة في بدء الخلق تحت درجة حرارة كونية رهيبة وظروف
خاصة لايمكن الوصول اليها معمليا .
4- علاقتها بالمشاهدة والتجربة :-
إن النظريات الفيزيائية تصبح عديمة الجدوى بدون التجربة ، كما أن التجربة
بدون النظرية تصبح ناقصة ، وعلماء الفيزياء التجريبية هم الذين يجعلون
العلماء النظريين في حالة التزام تام بالامانة العلمية.
علاقة الفيزياء بالرياضيات :-
لعبت الرياضيات دورا هاما في تطور وتقدم الفيزياء ، فالفيزياء في مفهومها
المعاصر علم كمي ، والمفاهيم الفيزيائية التي منها كميات يمكن قياسها
كالكتلة والطول والزمن وغيرها ، يعبر عنها برموز رياضية جبرية تدخل في
معادلات رياضية بسيطة أو مركبة .
والتعبير عن القياسات والبيانات والعلاقات والعلاقات بين الاشياء وبعضها
بواسطة المعادلات الرياضية له فائدة كبيرة في تلخيص عدد كبير من البيانات
والمعلومات والافكار في عدد قليل من المعادلات التي تبرز الافكار الرئيسية
للموضوع قيد البحث ، إضافة الى أن المعالجة الرياضية تؤدي في كثير من
الاحيان الى نتائج جيدة غير متوقعة أو إكتشافات نظرية هامة ، تثبت التجارب
بعد ذلك وجودها بما لايدع مجالا للشك.
وعلماء الفيزياء النظرية أو الفيزيائيون النظريون هم أكثر علماء الفيزياء
تمرسا في الرياضيات ، ومعرفة باصولها وقواعدها ، واستخداما لطرقها في حل
المسائل الفيزيائية.
وتجدر الاشارة هنا الى الفرق بين الرياضيات والفيزياء برغم من إلتقائهما
بشدة في كثير من المشاكل ، الرياضيات ينظر اليها على انها اختراع بشري
استلهمه الانسان من قدرته الفطرية لمعالجة الافكار المجردة معالجة دقيقة ،
بينما الفيزياء تعنى بالعالم المادي وهو شيء ليس لنا يد على الاطلاق في
خلقه أو تكوينه ، ومع ذلك فقد التقى العلمان لحل مشاكل الطبيعة بدقة ونجاح
باهرين .
ويمكن القول أن علم الفيزياء يستمد قوته من التجربة ويحتكم اليها ، ولغته
في ذلك هى الرياضيات ، أما هدفه فهو بلا شك الوصول الى جوهر الحقيقة ،
سواء بالنسبة الى أصغر الاشياء أو أكبرها في هذا الكون الذي نعيش فيه